" عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد"


سبب وضرورة التجسد والميلاد


خطأ ومعصية آدم وحواء جعلتهم يخسرون والجنس البشري من بعدهم الحياة الابدية (الخلود) التي خلقهم الله عليها, وإستحقوا الموت الابدي لهذا السبب, اي الموت الروحي والجسدي الابدي.


فدعنا نرى ماذا كان سيحصل للبشر فيما لو تركهم الله لمصيرهم الذي جلبوه على أنفسهم , وقرر أن لا يتجسد:


كما سبق الله ان حذر آدم وحواء, فالاكل من الشجرة المحرمة نتج عنهُ الموت الابدي, وهذا يشمل الموت الروحي والجسدي الابديان:


الموت الروحي اولاََ , وهذا يكون بالإبتعداد عن وجه الخالق والبعد عن مصدر الحب والحياة, والعذاب الروحي الابدي في جهنم النار اما الموت الجسدي فيتم على مرحلتين, الموت الجسدي الارضي الذي يتم بإنفصال الروح وخروجها عن الجسد, ثُم التفسخ والإندثار والعودة إلى مكونات الخلق الاولى, اي العودة إلى التراب, وهذا ما نقول عنهُ " من التراب إلى التراب نعود" , لكن المشكلة  لا تتوقف عند هذا الحد, فهذهِ العودة موقتة, وتنتهي عند عودة الرب يسوع المسيح في مجده, ليدين الاحياء والاموات, ولهذا تنتظرنا القيامة, قيامة الاجساد في يوم القيامة, عندما يعود الملك السماوي ليملك  في سلطانِهِ ومجدِِهِ ألأبدي السرمدي, ويبوق وقتها رئيس الملائكة, وتبدأ القيامة والرحلة العكسية للفساد,  تبدأ اولاََ زلزلة عظيمة جداََ, تتفتح القبور, لتخرج الاجساد الميتة خارجها, وتُؤمَّر الارواح بالعودة إلى الأجساد التي خرجت منها, من كُلِّ زمانِِ ومكان , كُلُّ يعودُ إلى جسدهِ كما كان قبل الموت, ويعود المائت إلى الحياة, وتقف الطوابير أمام الديان للدينونة, تدان بحسبِ ناموس الضمير المودع في الإنسان يوم خلقهِ, وخطيئة واحدة كافية للهلاك, ولما كانت إجرة الخطيئة هي الموت الابدي, ينتهي الجنس البشري بأجمعهِ في جهنم النار, في بحيرة النار والكبريت الابدية, روحاََ وجسداََ وإلى الابد.


والآن بعدما عرفنا مصيرنا الابدي, كما يعرفهُ الخالق ونبه عنهُ آدم وحواء, فنحنُ بالطبيعة الفاسدة التي إكتسبناها لا نملك طريقاََ آخر غير ما آلت إليهِ حالنا, والمصير المظلم الذي ينتظرنا ّ, اي لا حلَّ عندَ الإنسان للخروج من مصيره الذي ينتظره, حال نهاية حياته الارضية!


وهنا اصبح تاج خلقِ الله فاسداََ مائتاََ, هذا الإنسان الذي خُلقَ كُلَّ شيء في الوجودِ من أجلهِ , اي إنتصر إبليس, وأفسدَ الخليقة بجملتها, أفسدَ عمل الله, وخلقِهِ! وكما قال ربُ المجد: " كانَ خيرُُ للأنسان الهالك, لو لم يولد أصلاََ! " متى(26-24).


فدعنا نرى هل تفاجأ الله بثورة رئيس ملائكتهِ , وسقوط آدم وحواء في المعصية!


كان أحد الامثلة التي ذكرها الرب يسوع هو مثل حساب الانسان المسبق لإحتياجاته قبل بناء برج او بيت, كما في:

لوقا(14- 28): وَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجاً لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ، هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ؟ (29) لِئَلاَّ يَضَعَ الأَسَاسَ وَلاَ يَقْدِرَ أَنْ يُكَمِّلَ ، فَيَبْتَدِئَ جَمِيعُ النَّاظِرِينَ يَهْزَأُونَ بِهِ، (30) قَائِلِينَ: هَذَا الإِنْسَانُ ابْتَدَأَ يَبْنِي وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَمِّلَ.


فكما نرى, لو كان الانسان يحسب ويُخطط لبناء برج, فكم بالحري سيفعل الله, وكيف سيُخطط, ويحسب حسبانِِ كل شاردةِِ وواردةِِ قبل بدايتهِ بخلق الكون والإنسان, وهو العليم الحكيم , كليِّ القدرة والمعرفة, ولا زمنَ لهُ, اي يرى الماضِ والحاضر والمستقبل, ولا يخفى شيء عنهُ, فكيف لم يحسب الله حساب كل شيء سيحصل؟ والحال هو إِنَّ الله هو عالم بكل شيء وقد خطط وحسبَ حساب كل شيء قبل أن يحدث:


فهنا ولأَنَّ الله كانَ سابق العلم بالذي سيحصل ! لأَنَّهُ كان يعلم قبل الشروع بالخليقة كلها, إِنَّهُ سيُتوجَ خليقتهِ بخلقهِ تاج الخليقة وسببها, التاج الذي من أجلهِ خلق اللهُ كُلَّ شيء, والذي بسبب خلقهِ  سيتمرد على سلطتهِ رئيس ملائكته لوسيفر ويهلك ومعهُ أجواقُُ من الملائكة !

فقد هيأ اللهُ خطة للخلاص, لإسترداد صورتة وبهاءِ مجد الله والنقاء في البشر وتحريرهم من عبودية إبليس, وإعطائهم أمكانية الخلود ثانية والعيش الابدي مع الخالق بإتحاد وإنسجامِِ كاملين, ليكون المخلصين شعباََ مختاراََ لله. فأَمَّنَ الله:


خطةََ لإِصلاح الضرر ومعالجة الموت الحاصل


أي خطةَ ومبدأ الفداء وألإحتواء الكامل لإنسان لإعطائه فرصةََ لنيل الخلود ثانيةََ, ولإصلاح الضرر نشأت الحاجة إلى من سيتحمل النتائج, وأَنْ يفي بمتطلبات العدل ألإلاهي, وأن يستطيع إعادة الامور إلى حالتها الأُولى , ويُدين رئيس الملائكة الثائر ويُفشل كل خططهِ. وكان لابد من توفر مواصفات معينة فيهِ, لينفع لإكمالِ مهمتهِ, وإحتواء البشر, لمنحهم الخلود ثانيةََ.


المواصفات التي يجب توفرها في لفادي الذي سيحتوي البشر المخلصين:


أ – لتغطية الخطيئة تغطية ابدية, وجب أن يكون للفادي حياة أبدية غير محدودة في ذاته, أي يجب تغطية كل خطيئة من خطايا البشر القابلين بالفداء تغطية ابدية لغفران الخطيئة وسترها وليتم إحتواء البشر ثانية في طبيعة ولاهوت الله.

ب – أَن يكون الفادي بلا خطيئة في ذاته, لكي يستطيع تغطية خطيئة من يُريد أَنْ يفديه. فلو أخطأ خطأََ واحداََ لإحتاج هو لمن يفديه!

ج – أَنْ يكون من نفس صنف وجنس المفدي, اي أن يوازية ويُساويه, أي أن يكون مثل البشر بكلِّ صفات البشر قبل السقوط, وأَنْ يكونَ واحداََ منهم ليُمثلهم جميعاََ!

د – أن يموت الفادي بدل المفدي مرة واحدة عن كل خطيئة من الخطايا, لا بل يجب سفكِ دمِ الفادي , لكي يحُلَّ محل المفدي ويحتويه! عبرانيين(9-22).

ه – يجب أن يُقدم الفادي نفسه كبديل بذاتهِ طوعاََ .


ولأَنَّ هذهِ الصفات غير متوفرة في ايِِ من البشر من آدم إلى آخر بشر يولد لبني آدم إلى يوم الدين, اصبح كل البشر غير نافعين لهكذا فداء, بالإضافة لعدم توفر الحياة الابدية في ايِِ منهم بعد الخطيئة والمعصية!

وحتى ايِِ من ملائكة الله, او رئيسِ ملائكتهِ لا ينفع لهذهِ المهمة, لأَنَّهُ حتى لو تجسد وأَخذّ جسداََ بشرياََ لا يُمكِنَّهُ القيام بهذهِ المهمة, فلكُلِ ملاك حياة ابدية واحدة فقط وهذا سيجعله يُغطي خطيئة واحدة فقط من خطايا البشر ليسَ إلا!


لذا لم يبقى سوى حلاََ واحداََ امام الله فقط, وقد علمَ إِبليس ألمتعالي بهذا جيداََ, إلا وهو أن يتنازل الله ذو الحياة الابدية الخالدة الغير محدودة وأن يتجسد شخصياََ, ويأخذ جسداََ بشرياََ ويقبل أن يُسفك دمَهُ عن كُلِ خطيئة لبني آدم.

 وهنا إِعتقدَ إِبليس بأَنَّ الله لا يُمكن أن يقبل هذا على ذاتهِ , فألمجد والجلال واللاهوت لا تسمح بهكذا تضحية,  فإعتقد بأنَّ ثورته ستُكلل بالنصر! وهنا كان خطأَ إِبليس الكبير فهو لم يفهم إِنَّ طبيعة الله أعلى وأسمى من التكبر والتغطرس, وإِنَّ الله المحب سيتواضع وسيتمجد ويُدين ثورة رئيسَ ملائكتهِ بشعار "إِنَّ القوة تكمنُ وتكمُلُ في الضعف! " ومِنْ بداية هذا المبدأ وتطبيقه, هُزم رئيسُ ملائكة الله المتمرد والمتكبر ومن معهُ من ملائكة الله , فسقط وأصبح إبليس رئيساََ للشياطين, وألملائكة الذين تبعوه اصبحوا شياطينَاََ وأباليس مثله بسببِ إنجرافهم معهُ في تكبرهِ وثورتِهِ, فأُنزلوا إلى أسافل الجحيم بإِنتظار دينونتهم الاخيرة يوم الدين!


بالحقيقة, قد هيأ الله الخطة سلفاََ قبل الخلق, لسابِقِ علمهِ بالثورة الآتية وسقوط بني آدم ونتائجهما الجمة المهولة, وقَبِلَ أن يكونَ هو الفادي والبديل , لكنَّ طبيعة ولاهوت الله غير قابلة للموت فهو منبع الحياة الابدية الغير محدودة ذاتها , فكان لابدَ من أن يتخذ الله جسداََ وناسوتاََ قابلاََ للموت, فتنازلَ الله وقبلَ بمبدأ التجسد ليُكملَ الخليقة ويُنقذها بتواضعهِ ويَمنحَ تاجَ خلقِهِ المغفرة بالفداء ويُكلِلَهُ بالنصر, ويُشارك ويحتوي المؤمنين بالحياة الابدية التي في ذاتهِ! ومن هنا أَصبح التجسد والميلاد ضرورة حتمية ملازمة ومُكملة للخلق. وبهذا التجسد والميلاد إستطاع الله أن يوفي كل المواصفات المطلوبة بالفادي, وبنفس الوقت لبى كل مطالب العدالة ألإلاهية, والحب في آنِِ واحد. وبَعدَ أن كان الموت هو النهاية الابدية للبشر الساقطين, اصبح الموت بفضل التجسد والفداء هو البداية للحياة الجديدة في ملكوت السماء بمعية وكأبناء لله الخالق.  (أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا،  - يوحنا(11-25)).


التلميح إلى خطة الفداء وألإحتواء


عند سقوط آدم وحواء ومعهم الجنس البشري بجملته, بدأ الله بالتلميح إلى خطتهِ, لإعادة الامور إلى نصابها الاول فقال:


تك(3-15):  وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ (الحية) وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ.

تك(4-4):  وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضاً مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ (اي غفران الخطيئة لا يتم إلا بسفك دم).

تك(22-13): فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكاً فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضاً عَنِ ابْنِهِ


خروج(12-21):  فَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمُ: " اسْحَبُوا وَخُذُوا لَكُمْ غَنَماً بِحَسَبِ عَشَائِرِكُمْ وَاذْبَحُوا الْفِصْحَ.  (22)  وَخُذُوا بَاقَةَ زُوفَا وَاغْمِسُوهَا فِي الدَّمِ الَّذِي فِي الطَّسْتِ وَمُسُّوا الْعَتَبَةَ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ بِالدَّمِ الَّذِي فِي الطَّسْتِ. وَأَنْتُمْ لاَ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ بَابِ بَيْتِهِ حَتَّى الصَّبَاحِ (23)  فَإِنَّ الرَّبَّ يَجْتَازُ لِيَضْرِبَ الْمِصْرِيِّينَ. فَحِينَ يَرَى الدَّمَ عَلَى الْعَتَبَةِ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ يَعْبُرُ الرَّبُّ عَنِ الْبَابِ وَلاَ يَدَعُ الْمُهْلِكَ يَدْخُلُ بُيُوتَكُمْ لِيَضْرِبَ.  (26)  وَيَكُونُ حِينَ يَسْأَلُكُمْ أَوْلاَدُكُمْ: مَا هَذِهِ الْخِدْمَةُ لَكُمْ؟ (27)  تَقُولُونَ: هِيَ ذَبِيحَةُ فِصْحٍ لِلرَّبِّ .... .


خروج(26- 15): وَتَصْنَعُ الأَلْوَاحَ لِلْمَسْكَنِ مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ قَائِمَةً.  ... (21)  .. وَأَرْبَعِينَ قَاعِدَةً لَهَا مِنْ فِضَّةٍ . تَحْتَ اللَّوْحِ الْوَاحِدِ قَاعِدَتَانِ .. (29) وَتُغَشِّي الأَلْوَاحَ بِذَهَبٍ. ... (الفضة هي رمز الفداء, والذهب هو اللاهوت الذي يحتوى المائت ليمنحه الحياة الابدية).


الخروج 29, واللاويين الفصل الرابع: اعطى الرب اولاََ ذبائح رمزية, وقتية ترمز إلى ذبيحته الابدية, وتغطي الخطيئة إلى حين, اي إلى وقت محدود, لكن ذبيحة المسيح متى قُدمت تحلُ مكانها وتغطي الخطيئة! لذا بعد المسيح توقفت ولم تعد هذهِ الذبائح مقبولة من بعد, لان متى ما جاء الاصل بطل الرمز!


ملاخي(3-1): هَئَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. (والكلام هنا عن يوحنا المعمدان الذي يُهيء الطريق لمقدم الرب يسوع).


اشعياء(7-14) : وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ " عِمَّانُوئِيل " .

ميخا(5-2): أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ" .

ارميا(31-15): هكذا قال الرب: صوت سمع في الرامة ندب وبكاء مر راحيل تبكي على بنيها وقد أبت أن تتعزى عن بنيها لأنهم زالوا عن الوجود.

مز-22-1 إِلَهِي! إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي ... (16) لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ (17) أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ. (18) يُقسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ.


تنفيذ الخطة الفعلي


والآن نعود إلى القصة التقليدية للميلاد, لنحكي قصة واحداث الميلاد الحقيقية كما حصلت:


1- تمت بشارة زكريا الكاهن واليصابات زوجتهِ بالحمل وولادة يوحنا المعمدان قبل حوال خمسة اشهر من بشارة العذراء

    (لوقا 1-13): لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا ،لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا


2- في الشهر السادس جاءَ الملاك جبرائيل ليُبشِر العذراء بالحبل العذري بإبن الله عمانوئيل

 (لوقا 1 – 26): وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ .. (27) إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ (28) فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: " سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ " ... (30) فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: " لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ (31) وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ ... (35) فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها : " اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ ، فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. ... (38) فَقَالَتْ مَرْيَمُ: " هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ ".


3- ذهبت العذراء إلى بيت زكريا :

لوقا (1- 41): فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا ،وَامْتَلأتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، (42) وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: " مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! (43) فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ ... (46) فَقَالَتْ مَرْيَمُ: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ ، (47) وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي" (48) .. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي،.


4- وذهب يوسف مع خطيبتهِ إلى بيت لحم ليكتتب:

لوقا(2-6): وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ (7) فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ (8) وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، (9) وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ ، فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً (10) فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: " لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: (11) أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. (12) وَهَذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطاً مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ " (13) وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: (14) " الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي ، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّة" .


5- وجاء الرعاة مسرعين, ووجدوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعاً فِي الْمِذْوَدِ (لوقا 2-6), ثُم أتى المجوس إلى البيت، ورأوا ألصبي مع مريم أُمهِ, فخروا وسجدوا لهُ, ثُم فتحوا كنوزهم وقدموا لهُ هدايا : ذهباََ ولباناََ ومراََ. (متى 2-11).


6- ثُم هرب يوسف والعذراء بالطفل إلى مصر كما في:

متى(2-13): إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً " قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ . وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ (14) فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ.   


أُسس ومبادي الميلاد وألهدف


1- لم يكن الميلاد لدينونة العالم بل جاء المسيح إلى عالمنا ليُخلص العالم (ما جئتُ لأُدين العالم, بل لأُخلص العالم - يوحنا (12- 47))

   ولدَ عمانوئيل (الرب يسوع) ليحمل الدينونة عن البشر ويرفع خطاياهم.


2- جاء التجسد والميلاد أعلاناََ للحُب ألإلاهي للبشر, ولفرطِ محبتهِ قبلَ أن يتخذ ناسوتاََ مثلنا, قبلَ أن يولد تحت الناموس, أي تحت اللعنة, صارَ إنساناََ ليقبل الآلام وألإهانات ولعنة الصلب والموت, ليُخلص البشر من الهلاك وليمنحهم الحياة الابدية التي بهِ. ففنح ابواب الخلود للقابلين بفدائهِ, وقدسهم.

 يو-3-16: لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.

يو-15-13: لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ


3- جاءَ الميلاد ليمنح الرب المؤمنينَ طريقاََ للعودة إلى الله ألآب, فبفدائهم وسفك دم الرب من أجلهم وفر الربُ لهم طريقاََ لمغفرة خطاياهم, وفر لهم طريقاََ للتوبة, وطريقاََ لتقديسهم فيسكُنَ روحُ الله في داخلهم (اعطاهم الروح القدس بمعموديتهم).

يوحنا(14-6):  قَالَ لَهُ يَسُوعُ: " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" .

أفسس(1-7): فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ،


4- الميلاد جاءَ ليُثبت الرب بفدائِهِ المؤمنين بهِ, فقد وهب لهم عن طريق الفداء أن يأكلوا جسدهُ ويشربوا دمه, ليكي يحيوا ويثبتوا به, فقد قال " إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِي ذواتكم ْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ الحَيَاةٌ أَلاَبدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ يوحنا(6- 53/54) ". أي ردهم إلى صورتهم الاولى كأولاد الله , لا بل إحتواهم بذاتهِ وشملهم بحياتهِ الابدية.


يوحنا(17 - 11): أيُها ألآبُ القدوسُ إحفَظ بإسمِكَ الذينَ أعطيتَهُم لي ليكونوا واحداََ كما نحنُ واحدُُ............. (17) قَدسهُم بِحَقِكَ, إن كَلِمَتِكَ هي الحق.......... (20) ولَستُ أسألُ من أجلِ هولاءِ فقط بل أيضاََ من أجلِ الذين يؤمنونَ بي عن كلامِهم (21) ليكونوا هُم أيضاََ فينا حتى يُؤمنَ العالم أنكَ أنتَ أرسلتني (22) وأنا قد أعطيتُ لهم المجدَ الذي أعطيتَهُ لي ليكونوا واحداََ كما نحنُ واحد (23) أنا فيهِم وأنتَ فيَّ لِيَكونوا مُكَملينَ في الوحدةِ حتى يعلَم العالم إنكَ أنتَ أرسلتني وإنَكَ أحبَبتَهُم كما أحبَبتني.


من الدروس الهامة التي نتعلمها من قصة الميلاد


درسُُ في عدم الاهتمام بالمظاهر

يظهر هذا جليا من ميلاد السيد المسيح في بلدة صغيرة تدعي بيت لحم. وفي مذود, وهذا درس روحي, فبالبعد عن المظاهر الخارجية ندخل في مشاعر الميلاد, بعيداً عن العظمة والترف, فالعظمة الحقيقية هي في نقاء القلب, وصفاء الضمير!


ألميلاد درسُُ في  التواضع

فقصة الميلاد بدون التواضع تفقد جوهرها ومغزاها, فقد أخلى الرب ذاته من كل مجد دنيوي, فالنحاول بالقليل تقليد الرب في تواضعه بقدر الإمكان!


ألميلاد درسُُ في  البساطة

فقد إختار الرب تلاميذ بسطاء غالبيتهم من الصيادين. ولكنهم كانوا مستعدين للتضحية ونشر الرسالة. وقد أعلنت الملائكة البشارة للرعاة البسطاء, فأستقبلوها بقلب رحب من دون تعقيدات ولا بروتوكولات, كذلك المجوس فبالرغمِ من حكمتهم ومعرفتهم الفلكية, إلا أنهم اتوا من آخر الدنيا ليشهدوا ما أملاه عليهم علمهم وإيمانهم, ولبساطتهم لم يتكبروا ودخلوا مغارة ليروا طفلا في مذود علموا مسبقاََ بأنَّهُ ملكُُ سماوي مخلص, فقدموا هداياهم الرمزية ذات المعنى الكبير.

لم تعلن البشارة للكهنة والفريسيين او للملك هيرودس لانَّ المناصب والمكاسب الارضية والمصالح الشخصية لهولاء ستقف حائلاََ بينهم وبين قبول الحق والحقيقة


والقديسة العذراء كانت لها بساطة القلب, فآمنت بما قيل لها من قِبل الرب عن طريق ملاكه, وصدقت أنها ستلد وهي عذراء. فكانت لها هذه البركة.. وكذلك يوسف النجار أيضاً آمن بأنَّ العذراء  حبلي من الروح القدس,  وبأنها ستبقى عذراء أثناء ولادته... وعذراء بعد الولادة ايضاََ.


الميلاد درس في البذل والعطاء الغير محدود, فقد وهب الرب يسوع للبشر كلَّ شيء, لا بل حياتهِ ايضاََ ومن دون ان يتوقع شيء بالمقابل!


الميلاد درسُُ في إحترام الضعف والضعفاء, فالقوة تكمن وتكتمل في الضعف, والقوي وصاحب الجاه ضعيف, فهو سجين مكتسباته الارضية, والمال والمناصب, اما الضعيف فلا شيء له يخافُ عليه سوى حياته, وإن خسرها بسبب إيمانه فهو أقوى من قاتليه لاَنَّهُ شهيد, ويشهد امام الخالق لإدانة قاتليه.


الميلاد درسُُ لنا أيضاً لكى نغفر لمن أساء إلينا, فألكلمة تجسد ليغفر ذنوب البشر, وطلب غفران خطيئة حتى صالبيهِ.


الميلاد درسُُ في أنَّ العطاء خير من الاخذ, فنحنُ جميعاََ نفرح عندما يهدينا أحدِِ ما هدية مهما كانت, وفي آخر الامر نتركها ونذهب, واما العطاء فبهِ نسجل نقاطِِ لصالحنا في ملكوت السماء.


وفي احتفالنا بالميلاد يجب أن  نذكرالمبادئ التي نادي بها المسيح:

ولعل في مقدمة ذلك : المحبة والسلام, فقد جاء المسيح ينشر الحب بين الناس, وبين الناس والله. ويقدم الله للناس أباً محباً. لا  يعاملهم كعبيد, بل كأبناء. وطلبَ أن يصلوا إليه قائلين "أبانا الذي في السماوات". وهم في حرصهم على محبته يعملون بوصاياه, لا خوفاً من عقوبة, بل حباً وتوقيراََ لإباهم السماوي.


جاء المسيح أيضا ببشارة السلام: سلام بين الناس, وبين الانسان والله, سلام في أعماق النفس من الداخل. سلام الخالق.


والآن أتركَكُم مع المزمور أدناه, لتُدركوا من هم الآلهة الذين سيقضي الله في وسطهم!


مز-82-1 اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسَطِ الآلِهَةِ يَقْضِي.  (2)  حَتَّى مَتَى تَقْضُونَ جَوْراً وَتَرْفَعُونَ وُجُوهَ الأَشْرَارِ؟ سِلاَهْ.  (3) اِقْضُوا لِلذَّلِيلِ وَلِلْيَتِيمِ. أَنْصِفُوا الْمَِسْكِينَ وَالْبَائِسَ.  (4)  نَجُّوا الْمَِسْكِينَ وَالْفَقِيرَ. مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ أَنْقِذُوا.  (5)  لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. فِي الظُّلْمَةِ يَتَمَشُّونَ. تَتَزَعْزَعُ كُلُّ أُسُسِ الأَرْضِ  (6)  أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ.  (7) لَكِنْ مِثْلَ النَّاسِ تَمُوتُونَ وَكَأَحَدِ الرُّؤَسَاءِ تَسْقُطُونَ.  (8)  قُمْ يَا اللهُ, دِنِ (دينَ) الأَرْضَ لأَنَّكَ أَنْتَ تَمْتَلِكُ كُلَّ الأُمَمِ.


نوري كريم داؤد

03 / 12 / 2010 



"إرجع إلى ألبداية"